بنْهَاشم: اللَّجْنة البَرْلَمَانيَّة لمْ تلتزِم الدِّيمُقراطيَّة ولَا العِلْمِيَّة فِي تَقْرِيرِهَا

 

بنْهَاشم: اللَّجْنة البَرْلَمَانيَّة لمْ تلتزِم الدِّيمُقراطيَّة ولَا العِلْمِيَّة فِي تَقْرِيرِهَا

أشار تقرير اللجنة البرلمانية مؤخراً إلى خروقات عدة يعرفها سجن عكاشة: من قبيل الاكتظاظ، وتهريب المخدرات، والفساد، في انتقاد للوضع بالسجن، كيف تردون من جانبكم؟

نحن نحترم الخلاصات التي آل إليها التقرير ولا نرفضها. ونعلم أن سجن عكاشة شأنه شأن سجون أخرى يعاني عدة مشاكل. لكن ما أجده غير معقول في التقرير المشار إليه هو النهج الذي اتبعته اللجنة البرلمانية. وهو نهجٌ أراه من وجهة نظر شخصية غير ديمقراطي ولا علمي، فالمنتخبون الاثنا عشر للجنة لم يستجوبوا إلا بعض السجناء من أصل 8000 نزيل بالسجن. علاوة على ذلك، لم تكلف اللجنة نفسها عناء التحقق لدى إدارة السجون؛ على المستوى الجهوي أكثر منه على المستوى الوطني، من المعلومات التي قدمها السجناء.

هل صدمتم مما تم توجيهه من انتقادات لاذعة؟

لن أقول صدمة، لكنني أحسست فيها نوعاً من الحقد. وفي الواقع، كنت أترقبها لأن الأضواء ظلت منذ مدة مسلطة باستمرار على إدارتنا، سواء من قبل برلمانيين أو وسائل الإعلام أو جمعيات حقوق الإنسان.

ما السببُ في الاكتظاظ الذي تعرفه السجون؟

اكتظاظُ السجون عائدٌ إلى كون عدد السجناء آخذاً في الارتفاع، فإذا علمنا أن مراكزنا السجنية اليوم؛ التي يقدر عددها بالسبعين والمغطية لمجموع التراب الوطني، تأوي 68.000 بينما تسمح سعتها باستقبال خمسين ألفا، تغدو بذلك مستقبلة لما يفوق سعتها ب 18.000. وهو رقم هائل. وعليه فإنه لا يمكننا أن نتصدى لكل هؤلاء النزلاء.

هل يكمن السبب في نقص على مستوى الإمكانيات؟

ليس ذلك بالسبب الوحيد، صحيحٌ أن الإمكانيات البشرية والمادية غير كافية، لكن هناك أيضاً الاعتقال الاحتياطي على وجه الخصوص؛ الذي تقوم به النيابة العامة كثيرا، إذ أن 52% من السجناء موجودون رهن الحبس الاحتياطي. ويحصل أن يظلَّ أحد هؤلاء المعتقلون ماكثاً في السجن عدة أشهر، بل عدة سنوات. ولذلك دعوت في مناسبات عدة إلى إعادة النظر في الإجراء ضمن سياق إصلاح سياستنا الجنائية.

ماذا عن تهريب المخدرات والفساد؟

هي موجودة بكل تأكيد في سجوننا، ونحن نقوم بكل شيء في سبيل مكافحتها. وقد استطعنا التخفيف من حدتها، كما أن الأوساط السجنية ببلدنا وفي كل دول العالم معرضة لمثل هذه الأشياء. ومشجعو التهريب بين موظفي السجن ستتم معاقبتهم في حال ثبتت صحة الانتقادات الموجهة إليهم. كما أنني أعتزم إجراء تحقيقات إدارية في هذا النطاق ولن أتردد في اللجوء إلى الملاحقة القضائية إذا ما كانت الوقائع خطيرة، ساهراً بذلك على احترام النظام والقانون من لدن الجميع.

هل سيكون هناك تحقيق داخلي حول الوقائع المشار إليها في تقرير اللجنة؟

نعم، وقد فتحت بإدارتي تحقيقاً لمعرفة الحقيقة وهو جارٍ الآن. ويرغبُ الوزير المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الحبيب الشوباني، في فتح حوار وطني حول السجون. وأنا أؤيد هذا الحوار شريطة تحديد الخطوط العريضة والضوابط. فما الذي نعنيه بحوار وطني؟ إذ لا يوجد حسب اعتقادي سوى جمعيات حقوق الإنسان التي بإمكانها أن تشارك في هذا الحوار وهي كثيرة. وعليه يتعين في البدء أن تأتلف هذه الجمعيات وتنتخب تمثيلية لها قبل الشروع في النقاش.

كيف تردون على المعتقلين السلفيين ممن يؤاخذون إدارتكم على تردي شروطهم السجنية؟

أولئك يمثلون فئة منفردة من السجناء ، بسبب حالتهم وتصرفاتهم. فالمعتقلون السلفيون يودون أن يصبحوا ‘أمراء السجن’، ونتيجة لذلك يتغيون أن يضحوا ذوي سلطةٍ على الموظفين وهو أمر غير مقبول. فهم سجناء عاديون مثل الآخرين؛ لديهم الواجبات والحقوق نفسهَا. أما فيما يخص ظروف اعتقالهم؛ فقد قمنا بتحسينها بشكل ملموس. أشير لكم إلى أن الوضع كان أسوأ قبل إحداث المندوبية العامة لإدارة السجون؛ فخلال 2008 كانت الظروف السجنية سيئة على العموم، ليس فقط بالنسبة إلى المعتقلين السلفيين لكن بالنسبة إلى الجميع.

هل بإمكانكم أن توضحوا أكثر؟

لقد وجدنا السجون بالمغرب في وضعية يُرْثى لَهَا، في ظل اكتظاظ هائل، وغياب تام للبُنَى التَّحْتِية وضعف كبير على مستوى الموارد البشريَّة، والأسوأ من ذلك أن بعض السجون كانت ضحية حرائق متلفة في بداية 2000. وقد حددنا آنذاك 50 قتيلا في سجن الجديدة و27 بسجن عكاشة. علاوةً على عدة عمليات فرار نفذتها جماعات سجناء، سيما السلفية منها. وكان غياب الأمن سائداً إلى درجة كبيرة داخل السجون.

بأي ميزانية تشتغل إدارة السجون؟

بميزانية 1.7 مليار درهم في العام الجاري. تذهبُ 750 مليون درهم إلى دفع رواتب الموظفين، و550 مليون درهم إلى نفقات السجون. ونحن نرى أنها ميزانية غير كافية. لأن تحقيق مخططنا الرامي إلى تحسين الظروف السجنية يحتاجُ إلى ثلاثة مليارات درهم.

هل تعتقدون أن الحكومة ستقدم لكم تلك الميزانية؟

سنعتمد على أنفسنا. كيف ذلك؟ لدينا عقارات مهمة بها أراض شيدت عليها سجون واقعة في وسط مدننا. ونحن ننوي إزاحة تلك السجون لتحويلها إلى مكان آخر في الضواحي. وهذه طريقة من بين طرق أخرى.

 

Comments are closed.