هل نؤدّي حق نعمة الإسلام؟

 

هل نؤدّي حق نعمة الإسلام؟

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة و السلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله المصطفى الأمين

قال تعالى في محكم تنزيله

( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) صدق الله العظيم

أجل لا يمكننا إحصاء نعم الله علينا وإن بدأنا العدّ من أول يوم ولدنا فيه إلى آخر رمق لنا في الحياة ، و من النعم الكبرى التي أنعم الله بها علينا نحن المسلمون ، نحن من وُلدنا في الدّيار الإسلامية ، هي نعمة الإسلام ، و مع ذلك فالمطلوب منّا أن نتعرف على ديننا أكثر و أكثر وأن نجعل همنا الأول في حياتنا هو البحث عن تعاليم الدّين الصحيح ، فبدون بحث ولا تعلم سوف نضل من ورثة الدّين على الآباء والأجداد ، فإن أصابوا أصبنا وإن و قعوا في خطأ أو شبهة أو بدعة وقعنا ، وهذا ليس من الحكمة .

فبمجرد ما يدخل الإسلام شخص غير مسلم ذكرا كان أم أنثى إلاّ و تجده يبحث و يجتهد في الإطلاع على تعاليم الإسلام ، ثم يطبق بالحرف هذه التعاليم وهمه الوحيد أن لا يقع في محرم أو مكروه أو زلّة ،فالبنت التي تدخل الإسلام أول ما تفعل لبس الحجاب ، ولا تهتم بردود الفعل لا من أسرتها ولا من صاحباتها أو المجتمع الذي تعيش فيه ، وفي المقابل نحن الوارثون لا نهتم حتى بأعظم الأركان ، فمنّا من لا يؤدي حق الصلاة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ أَسْوَأَ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلاتِهِ ) ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلاتِهِ ؟ قَالَ : ( لا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلا سُجُودَهَا ) أي لا اطمئنان في الركوع ولا في السجود .

نعم ، ورثنا الدّن عن أبائنا ، هذا جميل لكن لا يمكن التوقف عند هذا الحد ثم نقول لقد وجدنا آباءنا هكذا يعبدون ، فربما وقع تحريف أو تغيير أو دخلت بعض البدع على الديّن ولم ينتبه أجدادنا ، فعلينا البحث والبحث الدقيق لتفادي كل الشبهات و المتشابهات و البدع ، فكما يقول العلماء ( الله يعبد بالعلم ولا يعبد بالجهل ) ونحن اليوم ليس لنا مبرر نبرر به جهلنا بديننا ، حيث أن الكتب الدينية المتوفرة في المكتبات لا تعد ولا تحصى ، وأن القنوات الدّينية دخلت علينا وأدخلت علينا العلماء الأجلاء من كل الدول الإسلامية إلى بيوتنا ، كما أن الشبكة العنكبوتية فتحت بابا كبيرا على مصراعيه يمكن لكل مسلم البحث على كل ما التبس عليه في أمر دينه ، وبمجرد ضغط خفيف على زر في لوحة الكتابة بحاسوبه . فهل لنا من عذر ؟

أخي الكريم أختي الكريمة ، نعمة الإسلام من النعم الكبرى ، ويجب علينا الشكر لله على أن هدانا لهذا الدّين القويم ، و حتى نكون من الشاكرين علينا أن نتفقه في ديننا قدر المستطاع ، بالجلوس مع أهل العلم ، أو مع الأسرة ونتدارس كتابا يهتم بشؤون الدّين فيما بيننا ،أو نشاهد شريطا لعلامة مرموق، أو نتفق على مشاهدة برنامج ديني جماعة ثم نناقش الموضوع لتتركز الأفكار والمعلومات في أذهاننا ، وعلينا كذلك أن ندعو إلى الله ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( بلّغوا عنّي ولو آية ) فمن أبنائنا وإخواننا من هم بعيدين كل البعد عن حقيقة الإسلام ، هم مسلمون طبعا لكن فهمهم للإسلام ليس فهما

صحيحا ، فمنّا من يقول : أنا أصلي وأصوم فأنا من أحسن المسلمين ، نعم إنك مسلم ، لكن الإسلام شمولي ، وشموليته تحوي العبادات والمعاملات و الاقتصاد و السياسة وكل متطلبات الحياة ، فضروري أن أتقن العبادات وأن أكون مطلعا على ترقيع الصلاة مثلا و على شروط صحتها ، ولكن ضروري كذلك أن أكون ملمّا بكيفية المعاشرة الزوجية ، والمعاملة مع الجيران ، وإن كنت تاجرا عليّ تعلم حقوق الزبون وعدم الوقوع في الغش ، وإن كنت عاملا علي الإخلاص في العمل ، وإن كنت رب معمل عليّ التعرف على معاملة المستخدمين ……..و هكذا . وحتى أعطي نظرة على هذه الشمولية اقرأ معي ماذا وقع في عهد رسول الله من حبر يهودي كان يسكن جوار المدينة ، في مجمع مع يهود المدينة قال هذا الحبر وبنبرات صوت حقود : عجبا لأمر محمد لقد علّم أصحابه وأتباعه حتى الدّخول إلى الخلاء . أي ما ترك محمدا صلى الله عليه وسلم شيئا إلاّ وعلمه أتباعه ، حتى الهوامش من الأعمال . ألا يقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم 🙁 تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) .

لكن للأسف الشديد جُلنا لا يعرف حتى شروط صحة الصلاة أو الصوم ، وجلنا لا يتعامل كما ينبغي مع جيرانه أو أبناءه وأهله ، و جلنا يغش و يكذب و يغتاب إخوانه المسلمين ، وجلنا يحاول الربح الكثير و السريع بالعمل البسيط ولو على حساب الآخرين ، فهل نعلم أن كل ما نقوم به سنحاسب عليه ،قال تعالى : ( من يعمل مثقال درة خيرا يره ومن يعمل مثقال درة شرا يره ) نعم سنحاسب عليه مرة واحدة والله أعلم ، أمّا المال سيحاسب عليه المرء مرتين ، من أين اكتسبه و فيما أنفقه .هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم هناك تصرفات يقوم بها البعض و تحز في النفس ، فمثلا في يوم الجمعة تمتلئ المساجد ويضطر الناس الصلاة خارج المسجد ، فأغلبهم يصلون تحية المسجد وهم خارجه ، وتحية المسجد لا تلزم إلاّ داخل أسوار المسجد ، فإن وجدت باحة داخل أسوار المسجد صليناها وإن كناّ في الشارع لضرورة الازدحام فلا تحية لمسجد . ثم هناك من يصلي تحية المسجد بمصلى العيدين ، وهذا خطأ ، فإذا أقيمت صلاة العيد بمسجد لضرورة مطر مثلا ، نعم نصلي تحية المسجد ، لكن في مصلى العيدين فلا .

هذه أشياء بسيطة يجب علينا معرفتها لكن وكما ذكرت سابقا و للأسف الشديد نحن لا نتفقه في ديننا ، ولا حتى نسأل عن أشياء غابت عنّا في أمور ديننا إمّا تكبرا أو حياء ، و القاعد ة الشرعية تقول : لا حياء في الدّين ،و يقول ربنا في كتابه العزيز ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )

لكل هذا ، وما هذا إلاّ قليل في بحر كبير ، أرجو من كل مسلم أن يتفقه في دينه، يقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم : (من يُرد الله به خيرا يُفقهه في الدين) و أن يجعل كلً منّا ولو ساعة في كل أسبوع لمدارسة هذا الدين الحنيف حتى يعبد الله بالعلم و يبتعد عن العبادة بالوراثة حتى لا يقع في البدع و المنكرات ، فكم من منكر يحسبه البعض تقربا إلى الله و هو يبعدهم عنه ما بعدت السموات عن الأرض .

و بما أننا قد ودّعنا الشهر العظيم شهر رمضان المبارك شهر الصيام والقيام شهر العبادة ، وفيه يتزايد عدد زوار المساجد في كل الأوقات و خاصة في صلاة الفجر ، أتمنى و أرجو أن يضل كلً منّا على عهده مع الله ، وأن لا يترك أحدنا الصلاة في المسجد و على الخصوص صلاة الفجر ، يقول عزّ من قائل في محكم تنزيله : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) الإسراء .

ختاما ما هذه إلاّ أسطر قليلة للتذكير و إنّ الذكرى تنفع المؤمنين ، فأسأل الله أن نكون جميعا من المؤمنين الصادقين ، لا يشوب إيماننا خلل ولا ذرة نفاق ، وأن يجعلنا ممّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ويقرؤون و يبحثون و يسألون ، فنحن أمة اقرأ ، فهل نحن فعلا نقرأ ؟ و هل نؤدّي حق هذه النعمة الكبرى التي أنعم الله بها علينا؟ نعمة الإسلام ؟؟؟

 

 

Comments are closed.