التْرْمْضِينَة: مرض عضال يعمّ المغاربة نهار كلّ يوم من شهر الصيام

 

التْرْمْضِينَة: مرض عضال يعمّ المغاربة نهار كلّ يوم من شهر الصيام

“أَنَا مْرْمْضْنْ”، “مْقْطُوعْ وْ مَاكَامِي”، “حْيّْدْ مْنْ حْدَايَا قْبْلْ مَا نْتْرْمْضْنْ عْلِيكْ”.. عبارات من بين أخرى تكرر في مختلف الفضاءات العامّة، بالأسواق والمراكز التجارية كما في ملاعب الأحياء التي ينشط قصدها خلال شهر الصيام الكريم، بل هي عبارات قد تصل إلى مرافق من بينها الإدارات العمومية، والسبب واحد.. “رمضان”.. ومنه تستمد تسميّتها بـ “التْرْمْضِينَة” وتغدو ذلك المشجب الذي يعلق عليه الكثيرون بروز ملامح غضبهم التي قد تمتدّ إلى فقدان الأعصاب والدخول في صدامات كلاميّة وبدنيّة.. حتّى أنّ البعض ارتأى أنّ المعطى مقترن بـ “مرض عضال يعمّ المغاربة كلّ نهار من شهر الصيام”.

في “السْوِيقَة” الفوضى “نَايْضَة”

قبل ثلاث ساعات من موعد أول إفطار لشهر رمضان تغزو “التْرْمْضِينَة” فضاء “سْوِيقَة” المدينة القديمة لمدينة الرباط، مفرزة لحشد بشريّ متّفق، طوعا أو قسرا، على فقدان الأعصاب والاشتراك في التوتّر.. وبها تعمّ الصراعات بتنوّع ما بين المشادّات الكلاميّة وبروز الدّماء التي تتطلب تدخّل الشرطة الانتقال بين مخافرها والمستشفيات.

المتجول بذات المرفق التجاريّ الشعبي يلاحظ سريان حركية غير عادية، يذكيها الإقبال الكبير على التبضّع الاستهلاكيّ، ويلقّها ارتفاع السلوك العدواني بمختلف أصنافه، إنّه هيجان بينيّ للمتبضعين والمتّجرين، يدفع صوب الأذى الذي يفترض أن يغيب في “شهر التوبة والرحمة والغفران”.

رغم انشغاله في تلبيّة طلبات زبائنه إلا أن يوسف، وهو جزار، قال لهسبريس: “أشْنُو غَادِي نْكْول.. كلّْشِي بَايْنْ.. الصْدَاعْ عْلَى وَالُو شِي مْرَّاتْ.. والمشكلة أن هذه الممارسات أصبحت أمرا عاديا لا يخلو منها يوم رمضانيّ.. تعمّه العشرات من الخلافات البسيطة التي تتحول لشجارات غير محمودة العواقب.. النّاسْ مْرْمْضْنَة”.

بيوت لا تأمن العنف حتى في رمضان

“عَالله يْدُوزْ هَادْ الشْهْرْ عْلَى خِيرْ”.. لم تجد فاطمة، وهي بائعة متجولة لـ “بْغْرِيرْ وْ لْمْسْمّْنْ”، غير هذه العبارة للتعبير عمّا دأبت على رصده بـ “سويقة الرباط” مع حلول كلّ شهر رمضان.

وتقول فاطمة أنّ بيتها الأسريّ، بعد 20 عاما من الزواج، دأب على استضافة “الترمضِنَة” بين أفراده.. “كُلّْ رْمْضَانْ كَنْطْلْبْ مْنْ الله يدُوْزُو عْلَى خِيرْ”..”كْلّْشِي بْسْبَابْ الكَارُّو وكْمَايْتُو.. البْلْيَة صعِيبة وَاخَا رمضان خَاصُو يْكْونْ شهر المودّة والتعاطف الأسري.. لا العكس”.

آذان المغرب ينزل السكينة.. حتّى مطلع الفجر

كلّ مَا أثير حول “الترمضينة” و “آثارها الجانبيّة غاب مع سماع آذان مغرب أوّل يوم من رمضان، إذ تسارع الجميع للحاق بموائد الإفطار، فيما وُوكب ذلك بتسارع مماثل لإبداء الهدوء التّام، خصوصا وأنّ لفافات التبغ وشرارات أعواد الثقاب والولاّعات كانت لدى البعض أسبق من حبّات التمر وأكواب الحليب.. هو هدوء مؤقّت.. حتّى مطلع الفجر.

 

Comments are closed.