الشوبي: الفن “بعبع” يقض مضجع المحافظين و”الظلاميين”

 

الشوبي: الفن “بعبع” يقض مضجع المحافظين و”الظلاميين”

لم يشهد المغرب من قبل مثل هذا الجدل حول حرية التعبير وحرية الإبداع الفني، بل إن المغاربة مُطالبون أكثر من أي وقت مضى بأن يحاوروا ذواتهم ويناقشوا تشعبات آرائهم، دون أن يمدوا أياديهم إلى مقصلة الآراء والأفكار. والأكيد أن كل مغربي واع بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه، في المحافظة على مغربنا خاليا من الحجر على الأفكار والأحكام الجاهزة والمسبقة، والفتاوى الدينية التي تضرب كل مكتسبات البلاد عرض الحائط.

ونحن نعيش أجواء رمضان المبارك، نستهل هذه الحوارات مع فعاليات عدة من فنانين ومثقفين وسوسيولوجيين وإعلاميين حول حرية التعبير والإبداع الفني، بالحوار مع الممثل المغربي محمد الشوبي:

معضلة قديمة جديدة إسمها حرية التعبير والإبداع، هل تغير شيء من ملامحها اليوم؟

العالم العربي لم يعد عالما بقدر ما أصبح البدو والبداوة فيه هي السمة الطاغية، مما جعله يختار تقليص حرياته لفائدة العشيرة والقبيلة والعائلة.

العرب قوم يرتاحون للكسل والخمول ويتباهون بعدم العمل، لذا يركنون للتقاليد البالية ويرفضون الاجتهاد لا لشيء إلا لأنه يكلفهم سويعات من العمل، وهنا يرفضون الحرية والتحرر، فحتى في عز ثوراتهم المسماة ربيعا خافوا التطور وفروا إلى الوراء والوراء السحيق.

ما قولك في الحوادث التي تعرضت لها حرية التعبير والإبداع خاصة في المجال الفني؟

هذه مجرد حوادث عابرة وجعجعة بلا طحين، لأن الفن هو البعبع الذي يقض مضجع المحافظين والكسالى والنكوصيين، بمن فيهم الظلاميون حراس معابد الجرذان والأوثان الذين لا يرغبون للدين والحياة أن يتطورا إلى الأمام والأفضل، فعدد الكلمات التي يحملها القرآن الكريم وتتحدث بصراحة عن النكاح والفروج والمعاشرة كثيرة ولا لغط عليها خصوصا عند التفسير، لأن الله عز وجل خاطب نبيه الكريم بوضوح تام في كل القضايا ليشرح لأمته كل شيء، فلماذا بعد 15 قرنا من ابتعادنا عن النبي نحرم ما ذكره الله عز وجل ؟

هل من حد فاصل بين الحرية و الفوضى، وهل يمكن اعتبار الحرية الفنية فوضى أو تعديا على أخلاقيات معينة؟

لا يمكننا بأي شكل وضع حدود وقيود على الحرية الفنية، لأنها بطبيعتها تتوخى وتروم الانطلاق الى أبعد الحدود، ولا يمكننا حصرها بأي شكل من الأشكال.. لذا ليست هناك حدود فاصلة للإبداع، والقيود هي ديدن المستبد والمتسلط، وهي عربون عدم ثقته بالمستقبل، لأن مستقبله المنشود هو الموت وليس الحياة التي خلقه الله من أجلها.

لماذا يتستر المجتمع خلف الجاهز من أحكامه ولا يستطيع مناقشة واقعه؟

المجتمعات كلها تحتاج إلى موجهين وعلماء حقيقيين في كل العلوم الإنسانية ومنها علوم الدين، ولكن الدين ليس كل شيء كما يوهمنا بذلك تجار هذه المادة التي أصبحت بائرة وكاسدة في سوق الإنسانية المفتوح على العلوم الأخرى، وهذا الكساد هو الذي يجعل المجتمع كالمجتمع المغربي يختبئ وراء الجاهز من أحكامه، ويحتمي من واقعه بالهروب إلى الوراء وبالكسل المفضوح.

من لديه سلطة المراقبة؟ ومن لديه الحق في أن يمارس الوصاية على حرية التعبير و الإبداع؟

لا أحد مطلقا لديه الوصاية على أي شيء ما عدا القانون، ولا شيء غير القانون الذي يكفل العمل به الدستور الذي أجمع عليه الشعب. نحن نعلم أن دساتيرنا لا زالت لا ترقى إلى مستوانا كإنسان، ولا زالت تفرض علينا وصايات دينية ولغوية وسيادية، ولكن يجب أن نحترمها ونطبقها ونحتكم إليها في انتظار أن نغيرها بنضالاتنا التي لا يجب أن تتوقف. ومن يريد فرض وصاية على الفن والإبداع فكمن يريد بسط نفوذه على الهواء الذي نستنشقه.

هل من سقف للإبداع الفني لا يجب تجاوزه أم أن الأمر مفتوح بانفتاح الإبداع؟

السقوف للبيوت والبنايات التي تنهي العلاقة مع الانفتاح.هل تذكر كيف كانت بيوتنا في السابق مفتوحة على السماء؟ فلماذا تم حجب السماء وكل ما تجود به من شمس ومطر وزقزقة طيور ؟..وتعويضها بالبناء المغلق الكاتم للأنفاس، فمن لا يعيش منفتحا لن يقبل إلا بالسقوف والكهوف والزنازن والقبور وعذابها.. ومن يعيش منفتحا يستطيع هزم كل إحباطات الحياة..

 

Comments are closed.