خطة حكومية للمرأة تزيد قلق الحركات النسائية في المغرب

 

خطة حكومية للمرأة تزيد قلق الحركات النسائية في المغرب

رغم استجابة الحكومة المغربية للحركة النسائية وإخراجها لـ”الخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة” إلا أن المراجعة التي خضعت لها الخطة زادت من قلق الحركة النسائية سنة بعد إقرار الدستور الجديد لمبدأ المساواة بين الجنسين.

أشهرا معدودة قبل أن تصبح وزيرة للتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، كانت بسيمة الحقاوي من أشد المعارضين لمشروع “الأجندة الحكومية من أجل المساواة”، خاصة داخل قبة البرلمان. بعد توليها مسؤولية هذه الوزارة باسم حزب العدالة والتنمية الإسلامي، تركزت أنظار المهتمين حول مصير هذه “الأجندة” خاصة وأن الدستور المغربي الجديد يتحدث عن أفق المساواة بين الجنسين. وفي الثالث من يوليو/ تموز 2012 وقع سفير الاتحاد الأوربي بالمغرب أخيرا على اتفاقية تمويل هذه الأجندة مع كل من وزير المالية المغربي ووزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بما يفوق 45 مليون يورو. غير أن الأجندة الحكومية من أجل المساواة أصبحت تسمى “الخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة”.

تغيير في التسمية له دلالاته بالنسبة للجمعيات النسائية. في حوارها مع DW تنبه فوزية عسولي، رئيسة الرابطة الديمقراطية لنساء المغرب، إلى أن “المناصفة مجرد آلية للوصول إلى المساواة”، مؤكدة أن الرابطة تجهل مدى التغيير الذي طال الأجندة في نسختها الأولى، لعدم إشراك الوزارة للجمعيات في التغييرات التي أدخلتها عليها.

ولادة مرتبكة

قبل ذلك احتجت “الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب” في بيان لها بتاريخ 24 يناير/ كامون الثاني 2012 على “إغفال” البرنامج الحكومي للأجندة الحكومية من أجل المساواة، بينما يحتفظ ببرامج أخرى موروثة عن الحكومة السابقة مثل المخطط الأخضر في المجال الفلاحي. نزهة الصقلي، الوزيرة السابقة لنفس القطاع، نبهت بدورها إلى “تخلي” الوزيرة الجديدة عن هذه “الأجندة”، مستغربة في تصريحات صحافية “إنكار” بسيمة الحقاوي وجودها.

بعد تصاعد الجدل أصدرت الوزيرة بسيمة الحقاوي، بيانا بتاريخ 11 ماي 2012 قالت فيه إن “الاتحاد الأوربي تفهم كثيرا حاجة الحكومة الحالية إلى إعادة النظر في مقترحات البرامج التي تم الإعلان عنها قبل الدستور الجديد، وذلك لملاءمتها مع مقتضياته”. البيان أكد أن الأمر “تمت مناقشته خلال الاستقبال الذي خصصته السيدة الوزيرة لسفير الاتحاد الأوربي بتاريخ 23 فبراير/ شباط 2012، حيث تم التأكيد خلال الاجتماع المذكور على الرغبة في إعادة قراءة ما يسمى بـ”الأجندة الحكومية للمساواة 2011/2015″، وهو ما تم بالفعل من خلال فريق عمل تابع لمديرية المرأة بالوزارة، حيث تأكدت له الضرورة الملحة لإعادة النظر في بعض بنود هذه الأجندة”.

DW سألت بسيمة الحقاوي عن الجوانب التي خضعت للمراجعة دون أن تتوصل بأجوبتها. علما أنها شددت في كلمتها بمناسبة التوقيع على اتفاقية تمويل هذه الخطة على “التزام المغرب بتفعيل مضامين الاتفاقيات الدولية، وبالأساس الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” كما صادق عليها”. أما سفارة الاتحاد الأوربي بالرباط فأكدت لـDW أنه “لم يطرأ أي تغيير على النص الذي انتهت المفاوضات حوله مع الحكومة المغربية في دجنبر/ كانون أول 2011. التغيير الوحيد يتمثل في عنوان الأجندة التي أصبحت تحمل اسم الخطة الحكومية للمساواة في أفق الإنصاف. بالتالي لم تقع أية ملاءمة للمشروع من قبل الوزيرة الجديدة ولم يقع أي خلاف بيننا”.

مآل الحماية القانونية للنساء

هذا الغموض يجعل الناشطات النسائيات قلقات حول مآل جانب هام من الأجندة الحكومية للمساواة، والمتمثل في التشريعات الخاصة بحماية النساء. خاصة أن بسيمة الحقاوي تحفظت على مطلب إلغاء الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي، الذي سمح بتزويج الطفلة أمينة الفيلالي من مغتصبها قبل أن تنتحر. فضلا عن موقفها الرافض لتقنين الإيقاف الطبي للحمل. نزهة الصقلي الوزيرة السابقة التي كانت مشرفة على هذا القطاع سبق أن أوضحت في حوار لها مع موقع “كود” المغربي أن من بين “مكتسبات الأجندة الحكومية من أجل المساواة، إقرار إجرءات قانونية لحماية المرأة من العنف وتوسيع مجال الإيقاف الطبي للحمل في حالات قصوى”.

في حوارها مع DW تلاحظ خديجة رباح، عن “الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب”، أن “الخطة في صيغتها الجديدة تحتفظ فعلا بما تضمنته الصيغة السابقة من تشريع قانون خاص بالعنف ضد النساء، لكننا فؤجئنا بتصريح لوزير العدل يقول فيه إنه لا يرى ضرورة لذلك وأن تعديل القانون الجنائي سيكون كافيا”. أما فوزية عسولي فتقول لـDW “علمنا أن قانون العنف ضد النساء يتم الآن تحضيره من طرف وزارة التضامن ووزارة العدل، وهذا مؤشر سلبي. نطالب بإشراك وزارة الداخلية ووزارة الصحة لكي ينص القانون على مطلب الشباك الوحيد للنساء ضحايا العنف باعتباره آلية يمكن أن توفر للضحية خدمات المساعدة الاجتماعية والقضائية والطبية في نفس الوقت”.

دستور متقدم وواقع مقلق

في 29 يونيو/ حزيران الماضي كشف التقرير الرابع لـ”الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف”٬ حول العنف المبني على النوع الاجتماعي بالمغرب٬ أن “82 في المائة من النساء يتعرضن للعنف الزوجي”. لذلك تشدد فوزية العسولي على مطلب “المراجعة الشاملة للقانون الجنائي، الذي يفرق بين المرأة البكر وغير البكر، ويميز بين الاغتصاب المفضي لافتضاض البكارة وغيره، ويجرم الإجهاض رغم أنه وسيلة لحماية صحة المرأة، ويفرق بين المرأة المتزوجة وغير المتزوجة، ويعتبر أن العنف ضد المرأة هو عنف ضد الأسرة والمجتمع”.

غير أن هذه المطالب تصطدم بتضارب التصريحات الحكومية، رغم التغييرات التي جاء بها الدستور المغربي الجديد بإقرار مبدأ المساواة بين الجنسين في فصله 19. سيمة الحقاوي تؤكد بدورها، كما ورد في كلمتها بمناسبة التوقيع على تمويل الخطة، على أن “المساواة المُستهدفة من الخطة الحكومية هي مبدأ إنساني منسجم مع قيم المجتمع المغربي الحضارية والأسرية، والتي تعززت بالنص الدستوري الذي جاء موطدا لدعائم العلاقات القائمة على الحقوق والواجبات”.

 

 

Comments are closed.