البطلة المغربيّة نوال المتوكّل انتقلت من الـ”زِيرُو” إلى “هِيرُو”

 

البطلة المغربيّة نوال المتوكّل انتقلت من الـ”زِيرُو” إلى “هِيرُو”

“كثيرون يقولون ويدعون أن نوال المتوكل محظوظة، ولكن…” توقفت نوال عن الحديث لتتأمل ما حولها، وهي في القرية الأفريقية التي فتحت أبوابها للعالم في حديقة “كنزينتن غاردن”، في قلب العاصمة البريطانية لندن. تأملت ما حولها وكأنها تفتش في ذاكرتها عن شيء تريد استرجاعه فورا، لتتابع الحديث عن مسيرتها العجيبة، التي تعج بالإنجازات.

إنجازات على مضمار ألعاب القوى، وإنجازات داخل أدغال الهيئات الرياضية الدولية.. فهل أنت محظوظة يا نوال؟.. تجيب: “الحظ لا يشكل سوى نسبة 1 في المئة في نجاحك أو حتى في إخفاقك، سر النجاح هو دائما وأبدا العمل فالعمل ثم العمل، وهو الاجتهاد في كل الحالات، وهو المثابرة والمضي قدما مهما كان الأمر وربما بعد كل ذلك فإنك تنال ما تسعى إليه. ويجب أن تكون لديك طموحات في الحياة وأمل فيها”.

امرأة عانت التهميش والإهمال

هكذا كان رد البطلة المغربية نوال المتوكل. رياضية طموحة شجاعة عانت الأمرين قبل أن تكسب الألقاب وتنال الشهرة، امرأة عانت التهميش والإهمال كغيرها من النساء الأفريقيات والعربيات والمسلمات والمغربيات قبل أن تقتحم هيئات طغى عليها الرجال منذ خلق الحركة الرياضية الحديثة. وهي الآن وبعد انتخابها الخميس 26 تموز/يوليو الجاري بلندن، أي عشية انطلاق الألعاب الأولمبية 2012، في منصب نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، أول امرأة أفريقية وعربية ومسلمة تتشرف بتقلده.

فهل أنت مسرورة يا نوال؟.. “مسرورة جدا، بل وأفضل القول إنني أفتخر وأعتز ببلوغ هذا المنصب ليس كوني امرأة عربية أو أفريقية فحسب، بل لأنه بالنسبة إلى النساء فوز على الحركة الأولمبية نفسها”.. وتستشهد المتوكل بتصريحات تعود إلى القرن الماضي، تصريحات بعيدة في الزمن ولكنها تحمل دلالات على ما كانت عليه الحركة الأولمبية منذ نشأتها في 1894. هذه التصريحات أدلى بها الفرنسي بيار دوكوبيرتان مؤسس اللجنة الأولمبية الدولية وقال فيها إن “حضور المرأة في الهيئات الأولمبية غير لائق”. فماذا لو علم البارون دوكوبيرتان أن ألعاب لندن 2012 كرست المساواة التامة بين الرجال والنساء؟ وماذا لو علم أن النساء يشاركن في كل المنافسات والمسابقات فيما الرجال لا يشاركون في مسابقة السباحة الإيقاعية؟

“كيف أنسى أنني كنت أجري حافية في ملاعب تفتقد لأدنى المقاييس الرياضية؟”

الحديث مع نوال المتوكل لم يركز على النساء فقط بل على نجاح طفلة موهوبة بدأت تجري حافية في ميادين عارية ووعرة بالدار البيضاء وانتهت باعتلاء منصب يكاد يرقى إلى منصب رئيس دولة. فهل تتذكرين بداية مسيرتك يا نوال؟

“نعم، أتذكرها جيدا. كيف أنسى أنني كنت أجري حافية في ملاعب تفتقد لأدنى المقاييس الرياضية؟ كيف أنسى أني بدأت ممارسة الرياضة في حقبة كانت خلالها ميزانية الجامعة المغربية لألعاب القوى 60 ألف دولار؟ وأن رغم انعدام الإمكانات خلق المغرب بطلين من ذهب هما سعيد عويطة [البطل الأولمبي في سباق 1500م في لوس أنجلس وبطل العالم في سباقات 1500م و500م] ونوال المتوكل؟”.

نوال المتوكل، مواليد 15 نيسان/أبريل 1962، بدأت مسيرتها الرياضية في 1978، لتصبح بطلة مغربية وأفريقية في وقت قياسي حيث توجت بلقبي بطلة أفريقيا في سباقي 100م حواجز و400م حواجز في 1982. واستمر تألقها حتى بلغ ذروته في 1984 بإحرازها الميدالية الذهبية في 400م حواجز بألعاب لوس أنجلس الأمريكية، لتكون أول امرأة أفريقيا وعربيا تحقق هذا الإنجاز. لذلك تقول إنها انتقلت “من زيرو إلى هيرو”. وتضيف أنها أرادت “الانسحاب في 1984 ولكن حبها للرياضة” كان أقوى.

هل ستترشح لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية؟

بعد توقف مسيرتها، انتقلت البطلة المغربية إلى جامعة ولاية أيوا الأمريكية حيث بدأت مسيرة أخرى، فتخرجت منها بشهادة التدريب. ثم انتخبت عضوا في الهيئات الرياضية المغربية، لاسيما جامعة ألعاب القوى، قبل أن تدخل اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لألعاب القوى في 1995. وفي 1998 أصبحت عضوا في اللجنة الدولية الأولمبية ثم عضو اللجنة التنفيذية فيها في 2008 قبل أن يتم انتخابها نائبة للرئيس الحالي البلجيكي جاك روغ.

فهل ستتوقفين عند هذا الحد يا نوال؟ لا جواب من بطلة لوس أنجلس.. ولكنها تقول إنها خططت لكل شيء في حياتها، ولاشك أن ترشحها لخلافة روغ، الذي لن يترشح لولاية أخرى عقب انتهاء عهدته في 2013، أمر مفروغ منه.

 

Comments are closed.