فنانون مغاربة يتذكرون مواقف وطرائف العيد

 

فنانون مغاربة يتذكرون مواقف وطرائف العيد

عيد الفطر ليس يوما عاديا كباقي الأيام، فيه الفرح يطغى على النفوس والبهجة تملأ القلوب، وهو يوم مميز لكونه أتى مقرونا بنهاية شهر رمضان المبارك، وفيه يسعد الناس وتتصافى نفوسهم، فتسود ثقافة التراحم والتزاور والمحبة، كما أنها فرصة لتذكر الذكريات الجميلة والمواقف الطريفة التي تحدث للإنسان كيفما كان.

فنانون ومثقفون مغاربة يتذكرون في هذا المقام بعض المواقف الجميلة التي عاشوها، وأخرى لا تخلو من طرافة حدثت لهم خلال عيد الفطر السعيد، فكانت كالتالي:

ظلام دامس في العيد

يحكي المسرحي المغربي الكبير عبد القادر البدوي حدثا طريفا وقع له ولفرقته “البدوي” يوم عيد الفطر: “في إحدى جولات فرقتنا المسرحية عبر المدن المغربية، أواخر السبعينات وبداية الثمانينات كان عرضنا يقترب من يوم العيد ووصلنا إلى مدينة الخميسات.

وتابع المسرحي: كان لزاما أن نؤدي العرض، وأن لا نغير الموعد حيث إن سكان المدينة كانوا ينتظرون قدومنا بحكم الإعلانات التي تؤكد ذلك، وفعلا ـ يضيف البدوي ـ دخلنا المدينة يوم العيد وأنجزنا الديكورات وأشغال الإنارة وغيرها، وكان الجمهور سعيدا لأنه سيحضر عرضا مسرحيا متميزا لنا اسمه “وليدات الزنقة” يعني أبناء الشارع.

لكن الطريف في الحدث هو أن الكهرباء انقطعت في نصف العرض التمثيلي، وصارت القاعة تسبح في ظلام دامس، غير أنني ـ يردف عبد القادر البدوي ـ لم أشعر بأي ارتباك، بل تسللت خفية من الباب الخلفي للمسرح، وأنا أرتدي ملابس التمثيل، ووجدت محلا لبيع المواد المختلفة، فاشتريت منه ستين شمعة، وعدت بها لنلصقها في الصف الأمامي للخشبة..

واسترسل البدوي: كنا كلما أثبتنا شمعة صفق الجمهور بحرارة على هذه الطريقة العجيبة، فأخذت مكبر الصوت وقلت للجمهور حينها: “سنمثل أمامكم كما كان يفعل الممثلون ما قبل التاريخ على طريقة الإغريق بالمشاعل”..

وفعلا، يقول البدوي، أتممنا العرض وكان عرضا ناجحا رغم الحادثة المفاجئة لقطع الكهرباء أثناء مشاهد وسط العرض ويوم عيد الفطر، والعجيب أننا بمجرد ما انتهينا من عرضنا عادت الكهرباء إلى كل المدينة، وكان هذا موقفا لا ينسى، ينم عن حبنا الكبير لمهنة المسرح واحترامنا للجمهور المغربي”.

نصوم أم نفطر في العيد؟

ويتحدث الفنان المغربي المعروف محمد حسن الجندي حول حادثة وقعت له منذ شبابه الأول يوم العيد ولا ينساها أبدا، فيقول: “تعود بي الذاكرة إلى صيامي الأول منذ أكثر من 58 عاما، ففي آخر يوم من رمضان وليلة العيد، كنا متأكدين أن الغد سيكون صباح العيد، وكنت سعيدا ومهتما بالملابس الجديدة التي اشتراها لي الوالد، وكنا في قمة السعادة لارتداء تلك الملابس، لكن فوجئنا أنه لم يتم الإعلان عن ثبوت الهلال كما كان الجميع يتوقع، وقيل أن العيد ليس هو الغد، وأن شهر شعبان استوفى الثلاثين، فانبرى الناس جميعا للسحور ونوى الجميع الصيام..

وفي الغد، يردف الجندي، خرجت كالعادة إلى المدرسة صائما ومتحسرا لأن العيد ليس اليوم، غير أن المفاجأة الغريبة كانت عند حلول الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، فقد تم الإعلان عن العيد وأنهم رأوا الهلال في مكان ما، ولأن وسائل الاتصال ضعيفة أيامها لم يتمكن الناس من معرفة الخبر ..

وتابع الجندي: تغير كل شيء وصارت تلك الحركة والسرعة لحضور الإفطار قبيل المغرب تماما مثلها حدثت مع الحادية وعشر صباحا، فعدنا إلى ملابسنا الجديدة نبحث عنها ونحن فرحين لهاته المفاجأة التي كانت في صالحنا”.

ملائكة الرحمان

ويقول الزجال والشاعر الكبير الطيب العلج إن العيد يذكره بشيء واحد فقط هو ما كان يعيشه أثناء العيد وهو في مكة المكرمة، حيث قضى هناك أكثر من عيد..

يقول العلج: “النكهة تتمثل في قراءة الإمام صلاة العيد وخاصة الخيرات المتدفقة على جميع رواد المسجد، والهالة الموجودة في مكة المكرمة لا أعتقد أنها توجد في أي مكان آخر. وفي كل عيد قضيته في مكة كانت تمتلئ عيناي وقلبي بذلك الشعور الذي لا يمكن وصفه”.

ويضيف العلج: كنت أرى الناس من حولي أتخيلهم يشكلون صورا للملائكة، فنحن لم نكن ضيوف الرحمان فقط بل رأيت أننا تحولنا إلى ملائكة الرحمان، حيث يتجلى الطهر والصفح والمسامحة وعيادة الأحباب.

ويزيد العلج قائلا: “أما العيد في المغرب، كنت دائما السباق للمبادرة إلى مد اليد لمن يكون بيني وبينهم سوء تفاهم مثلا، وأبدأ بالصفح، أصفح عمن أخطأت في حقه وأطلب السماح لمن أخطأت في حقهم، وهذا هو مغزى العيد من وجهة نظري، فأنا مؤمن إيمان العجائز، إذ أطبق القيم الإسلامية من غير أن ألم بقواعدها وفروضها وسننها ومستحباتها..

واسترسل لعلج: في العيد أجمل حدث عندي أن أغوص في الغيبيات وأحلق في الروحانيات وطلب المغفرة من الله، وأسمي هذا العيد عيد “اللهم اغفر لنا” حيث حين يلتقي اثنان يقول الأول للثاني أول كلمة “اللهم اغفر لنا”.

وبالمقابل، أبدى فنانون مغاربة حنينهم الجارف إلى الأيام الخوالي التي كانوا فيها يفرحون بعيد الفطر أيام طفولتهم خاصة، حيث كان العيد بالنسبة لهم بمثابة مناسبة سعيدة يتصرفون فيها بسجيتهم وعفويتهم، كما أن الوقت كان لديهم بالقدر الكافي الذي يجعلهم يستمتعون بأوقات العيد كما يحلو لهم، بخلاف ما يحدث لهم عندما صاروا نجوما معروفين حيث ضاق الوقت بسبب الاشتغال في أعمال فنية ودرامية متلاحقة.

 

 

Comments are closed.