حمى كلاسيكو البارصا والريال تصيب الشباب الموريتاني

 

حمى كلاسيكو البارصا والريال تصيب الشباب الموريتاني

في نواكشوط٬ كما في نواذيبو أو أطار٬ لا يختلف الوضع في هذه المدن الموريتانية عنه في مدن الدار البيضاء أو طنجة أو تطوان٬ وإن بدرجات متفاوتة٬ حيث يفيض عشاق الكرة المستديرة حماسا. منهم من هو ميتم بالريال ومنهم من يعشق البارصا حتى النخاع. كلاهما يحب ويعشق كرة القدم. فهي لغة عالمية لا تعترف بالحدود ولا بالقيود.

مباراة القمة بين قطبي الكرة الإسبانية برشلونة وريال مدريد لا تقتصر فقط على الحدود الجغرافية الإسبانية٬ بل إنها تتجاوزها وتكسر كل القيود لتصل إلى أبعد نقطة في العالم. ولا غرابة إذن أن تجتاح حمى الكلاسيكو الإسباني٬ بما يحمله من متعة وإثارة٬ الشباب الموريتاني من مختلف الشرائح الاجتماعية. فتراهم يتزينون بألوان فريقهم المفضل إما الأبيض لمؤازرة النادي الملكي٬ الفائز بالبطولة أو الأحمر والأزرق لتشجيع النادي الكاطالاني٬ الفائز بكأس الملك.

قبل أسبوع من الكلاسيكو لنيل الكأس الإسبانية الممتازة٬ لا يمكن أن تمر من أحد شوارع العاصمة نواكشوط٬ وخاصة شارع المختار ولد داده٬ دون أن تلفت نظرك مجموعات من الشباب على قارعة الطريق تحمل أعلاما وشعارات لعملاقي الكرة العالمية البارصا والريال٬ حيث تشكل مباراة القمة بينهما فرصة سانحة لكسب مورد رزق غير قار ولو لبضعة أيام أو أسبوع على أقصى تقدير.

يقول أحد الشبان الذي اعتاد بيع هذه الأعلام واللافتات والشعارات إنه كلما اقترب الكلاسيكو الإسباني٬ المباراة الأكثر شهرة في العالم التي تجمع ناديين صالا وجالا في البطولة الإسبانية وتسيدا الكرة الأوروبية والعالمية ردحا من الزمن٬ إلا وأعد العدة لهذا الاستحقاق وأقتني كل ما يلزم وما يمكن أن يغري عشاق هذا الفريق أو ذاك “رغم أنني أهوى البارصا فإنني في هذه الحالة أحاول أن أكون محايدا أولا لكي أبيع أكثر ما يمكن من هذه المقتنيات وثانيا لكي أكسب ود أنصار الفريقين٬ لأنني لو كشفت عن ميولاتي وعواطفي تجاه أحد الفريقين٬ فإن المتعصبين لهذا الفريق أو ذاك سيعزفون عن الشراء٬ وسأكون بالتالي خاسرا في العملية. فكلما اقترب موعد الكلاسيكو إلا وزاد الإقبال وارتفعت المداخيل”.

ويضيف هذا الشاب ذو العشرين ربيعا٬ “الظاهرة الجديدة في الآونة الأخيرة كون الكلاسيكو بدأ يستهوي الجنس اللطيف٬ لاسيما وأن كرة القدم النسائية بدأت في الانتشار في موريتانيا. ولا أخفي سرا إن قلت إن الفتيات هن أكثر سخاء من الشبان. فأحيانا تجود علي إحدى المتيمات بالريال أو البارصا بأضعاف السعر المحدد. هناك من تقتني شعار فريقها المفضل أو حامل مفاتيح أو حقيبة صغيرة٬ لا يهم السعر بل الأهم هو إثبات الوجود في اليوم الموعود في أحد المقاهي وأمام أعين الشباب الذي لم تعد كرة القدم حكرا عليه وحده”.

أما شاب آخر فعقب بقوله “الكلاسيكو ينسينا هموم الكرة الموريتانية وانتكاساتها المتوالية٬ رغم الانتعاشة الملحوظة في الآونة الأخيرة. فهذه المباراة تشكل دائما قمة الإثارة والتشويق مهما اختلفت الظروف ومهما كان توقيتها خاصة مباراة اليوم الخميس الذي هو ليلة عطلة نهاية الأسبوع في موريتانيا”.

مع اقتراب موعد الكلاسيكو سجلت انتعاشة بالمتاجر الكبرى حيث تزايد الإقبال على شراء أقمصة فريقي ريال مدريد وبرشلونة٬ ناهيك عن الحركة الدؤوبة التي عرفتها المقاهي والمطاعم حيث بدأت الحجوزات يوما أو يومين قبل موعد لقاء القمة بين الجبارين وبدأت أيضا التكهنات والمراهنات.

من سيفوز٬ البارصا أم الريال ¿. هذا السؤال ظل يتردد على ألسنة محبي كرة القدم الإسبانية في بلد المليون شاعر أياما قبل اللقاء. وكلما اقترب موعد القمة تبدأ درجة حمى الíœكلاسيكو تتصاعد بشكل سريع.

بالأمس لا تكاد تجد موطئ قدم في أشهر مقاهي العاصمة التي كانت غاصة بصفة خاصة بأطفال في عمر الزهور وشباب يافع وفتيات أصابتهن عدوى الكلاسيكو فتركن البيوت وخرجن إلى المقاهي إسوة بالشبان أو نكاية فيهم. فإن لم تحجز مقعدك مسبقا فإنك قد تحرم من مشاهدة الكلاسيكو والتمتع بأجوائه الصاخبة في المقاهي.

في أحد المقاهي المشهورة بشارع المختار ولد داده كانت الأجواء ساخنة والحماس فياضا والعواطف جياشة٬ الشباب في الصفوف الأمامية والشابات في المقاعد الخلفية. كل واحد يشجع فريقه المفضل بطريقته٬ لكن في كنف الروح الرياضية العالية والانضباط التام٬ بعيدا عن كل تشنج أو تعصب أعمى. وليكن الفوز للفريق الأفضل.

وعلى غرار باقي بلدان المعمور٬ الأذواق لا تختلف كثيرا إذ يظل الأرجنتيني ليونيل ميسي والنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو٬ اللاعبين المدللين والمعشوقين أكثر من غيرهما لدى الموريتانيين والموريتانيات٬ دون إغفال حارس الريال إيكر كاسياس وصانع ألعاب البارصا وقلبها النابض تشافي.

مدرب أحد أندية كرة القدم في نواكشوط صنف أنصار ومحبي الفريقين من حيث وضعهم الاجتماعي فقال “الأغلبية الساحقة من عشاق البارصا هم من سكان الأحياء الشعبية والمهمشة. أما معظم أنصار الفريق الملكي فهم من سكان الأحياء الراقية والطبقة الميسورة مع بعض الاستثناءات القلية جدا. ولئن كان حب هذا الفريق أو ذاك قد فرق بينهم٬ فإن ما يجمع بينهم عشقهم لكرة القدم الإسبانية وللأداء الكروي الرفيع”.

لم يهدأ بال لهذا الطرف أو ذاك طيلة أطوار المباراة التي حفلت بالندية وكانت متكافئة في أغلب فترات اللعب٬ لكنها بإجماع عشاق الفريقين المتباريين لم ترق إلى المستوى المعهود خاصة في شوطها الأول. فعلى الرغم من أن النجمين ميسي وكريستيانو سجل كل منهما هدفاً٬ كريستيانو بضربة رأسية وميسي من ضربة جزاء٬ فإن أداءهما لم يكن في مستوى سمعتهما وقيمتهما خاصة وأنهما سيتنافسان مرة أخرى على لقب أحسن لاعب في العالم لسنة 2012.

فازت البارصا بثلاثة أهداف لهدفين وهي نتيجة غير مطمئنة لأنصار ومحبي “البلوغرانا” إذ يكفي فريق الريال تسجيل هدف واحد في ملعب سانتياغو برنابيو في مباراة الإياب الأربعاء المقبل٬ ليفوز بالكأس الإسبانية الممتازة. افترق أنصار ومحبو الفريقين على هذه النتيجة الخادعة ضاربين موعدا الأربعاء المقبل في مباراة الحسم.

فهل يحتفظ البارصا باللقب أم سيضيف الريال الكأس الممتازة لدرع البطولة؟.

 

Comments are closed.