لحسن حداد: 80% من السياح يأتون للمغرب من أجل السياحة الثقافية

لحسن حداد: 80% من السياح يأتون للمغرب من أجل السياحة الثقافية

قال لحسن حداد، وزير السياحة المغربي، بأن السياحة المغربية لا زالت صامدة، إذ أن هناك تطورا ملحوظا مقارنة مع سنة 2010. مضيفا في حوار خاص مع “هسبريس” بأن الأزمة الاقتصادية قد أثرت في السياحة بشكل عام، خصوصا لدى شركاء المغرب مثل فرنسا واسبانيا وإيطاليا وانجلترا وبدرجة أقل دول البينيلوكس، إذ أن عدد السياح الوافدين من هذه الدول نحو دول العالم انخفض. وإذا انخفض انخفضت معه حصة المغرب من ذلك.

وصرح حداد في ذات الحوار، بأن المغرب له توجه استراتيجي يتمثل في التركيز على السياحة الراقية والسياحة المتوسطة لأن قيمتها المضافة عالية، مع تطوير سياحة أربعة نجوم وأقل.

وعن السياحة الثقافية، قال حداد أن نسبة 80% من السياح يأتون للمغرب من أجل السياحة الثقافية، خصوصا بمراكش وفاس وطنجة والرباط وتطوان.. والكثير من السياح يأتون لمراكش، لما تزخر به هذه المدينة من مؤهلات سياحية وثقافية.

وأما السائح المغربي، فقال حداد: “إن السائح المغربي مهم بالنسبة للاقتصاد الوطني، ويحتل المرتبة الثانية بعد الفرنسيين، فالفرنسيون يمثلون 36% والسائح المغربي يمثل 26%. السائح المغربي ينفق كذلك ويمثل قيمة مضافة للسياحة المغربية. ونعمل على أن تصل السياحة الداخلية إلى 40%. فالمغاربة لا يتأثرون بالأزمات العالمية والأحداث لأنهم مستقرون في بلدهم”.

وتطرق لحسن حداد في حواره مع “هسبريس” إلى جوانب أخرى تهم السياحة المغربية، وكذا جوانب تهم حياته الشخصية… وأشياء تكتشفونها في هذا الحوار.

صرحتم مؤخرا كون السياحة المغربية مازالت صامدة، في حين أن التقارير الدولية وكذا المعطيات القادمة من عند المهنيين داخل المغرب تؤكد أن هناك تراجعا كبيرا ولاسيما في معدل ليالي المبيت؟

أولا، يجب وضع الأمور في إطارها الصحيح، فإذا قمنا بمقارنة ما يجري الآن مع سنة 2010 فسنجد أن هناك تطورا ملحوظا، وإذا قارناها مع سنة 2011 فسنجد أن هناك تراجعا من حيث الوافدين وليالي المبيت. وذلك لأن الثلاثة الأشهر الأولى من سنة 2011 كانت استثنائية. بعد ذلك جاءت أحداث الربيع العربي وأحداث أركانة والبركان الإيسلندي وهي عوامل كان لها تأثير كبير جدا، كل هذه العوامل جعلت 2011 تعرف بعض التراجع، ولكن في نفس الوقت يجب أن نعترف أن المنطقة العربية وشمال إفريقيا عرفت فيها السياحة تدهورا كبيرا جدا، ورغم ذلك فإن المغرب بقي صامدا ولم يتأثر بالطريقة التي تأثر بها جيراننا، هل هذا يعني أن السياحة عندنا لا تعرف صعوبات؟ أكيد أننا كما هو حال محيطنا نعرف العديد من الصعوبات، لكن مع ذلك يمكنني القول على أن السياحة المغربية لها القدرة على المناعة، أي لها القدرة لكي تسترجع عافيتها بشكل سريع. وإذا نظرنا إلى 20 سنة الأخيرة على مستوى السياحة، نجد أن هناك أحداث الخليج العربي الأولى وآسني 94 وأحداث نيويورك 2001 وحرب الخليج الثانية 2003 وأحداث 16 ماي بالدار البيضاء في 2003 والأزمة المالية التي بدأت مع سنة 2008 رغم كل هذه الأحداث وبعدها بأشهر قليلة تستعيد السياحة المغربية عافيتها. الآن ما يجب أن نعلمه وهي أنه بالرغم من الانخفاض في ليالي المبيت فالعائدات لم تعرف انخفاضا كبيرا: ناقص واحد(-1%) خلال الأربعة الأشهر الأولى فقط من هذه السنة…

ماذا هيأنا من أجل امتصاص الانخفاض الحاصل في الأسواق الكلاسيكية كالسوق الفرنسي مثلا..

الآن نسأل: ما هي العوامل التي أدت إلى هذه المسألة؟ أول عامل هو الأزمة الاقتصادية خصوصا لدى شركائنا مثل فرنسا واسبانيا وإيطاليا وانجلترا وبدرجة أقل دول البينيلوكس ..فعدد السياح الوافدين من هذه الدول نحو دول العالم انخفض. وإذا انخفض انخفضت معه حصتنا من ذلك، خصوصا بالنسبة للسوق الفرنسية التي تمثل 36% من مجموع السياح الوافدين علينا، ولذلك نقول إنه يجب أن نبقى صامدين ويجب أن تكون لنا حصة الأسد في هذه الأسواق، لأننا نعرفها جيدا. في نفس الوقت علينا العمل جاهدين للبحث عن أسواق جديدة، مع تقوية تواجدنا في أسواق أوربا الشرقية لأنها أسواق صاعدة، ذلك أن كثيرا من أسواق أوربا الشرقية لا تعرف أزمة، كما أنها تعرف نموا اقتصاديا مهما كروسيا وبولونيا والتشيك وسلوفاكيا وغيرها.. ولنا الآن مندوبية في موسكو وسنفتح مندوبية أخرى في بولونيا ولنا وجود مهم في “فيينا” حيث أن مندوبيتنا هناك تسهر على العمل الذي نقوم به في التشيك وسلوفاكيا وهنغاريا بالإضافة إلى النمسا. كما أن هناك سوقا مهمة جدا هي السوق الاسكندنافية والتي كان لنا فيها باع كبير، ولكنها مع الأسف عرفت انكماشا بعد دخول الكثير من المنافسين، لأننا كنا الوحيدين الذين يتوفرون على وجهة بحرية مثل أكادير، ولكن فيما بعد دخلت على خط المنافسة تركيا وتونس ومصر، وأضحت المنافسة أكبر، ونحن الآن نعمل على استعادة هذه الأسواق.

كما أن هناك تحد آخر ساهم في الصعوبات التي تعرفها السياحة حاليا، وهو أن الكثير من شركات الطيران تعرف أزمات وقد أثرت هذه الأزمات على حركات الطيران للشركات المنخفضة الأثمان (low-cost) أو مروجي الرحلات الذين يمتلكون طائرات خاصة بهم أو يكترون طائرات. فهذا التدهور حصل بسبب تأثير الأزمة على شركات الطيران وتأثير ارتفاع أسعار البترول والذي جعل شركات توقف رحلاتها بعدما أصبحت مكلفة أكثر. وهذا جاء في وقت تعرف فيه الخطوط الملكية المغربية إعادة الهيكلة بحيث أنها بصدد تجديد أسطولها وضبط توازناتها المالية. كل هذا يجعلنا، على مستوى الطيران، نعمل مع الكثير من خطوط الطيران ونعطيها تحفيزات من أجل مد خطوط من دوسلدوف إلى مراكش، ومن بروكسيل إلى الصويرة، ومن مانشستر إلى ورزازات…الخ.

كما نعمل أيضا للاستثمار في جودة المنتوج، فلا بد للمنتوج المغربي أن يكون جيدا، وأن تكون خدماتة متطورة وذات جودة عالية حتى نتمكن من الاستفادة من دعاية الأشخاص الذين يأتون إلى المغرب ويعاودون الكرة، فهذا أمر أساسي..

في ظل الحديث عن تطوير المنتوج، الملاحظ من جانب التنافسية أن هناك بعض سلسلة الفنادق الدولية التي لها فروع بالمغرب أثمنتها تفوق لما هو معمول به في نفس الفنادق ونفس العلامة في تركيا أو تونس مثلا وهذه الدول منافسة للسوق السياحية المغربية.. إذن كيف يمكننا أن ندخل في تنافسية الأسواق التقليدية التي لها منتوج يشبه ما يقدمه المغرب في ظل عروض أثمان غير متوازنة وغير سلسلة؟

بالنسبة لنا في المغرب لنا توجه معين وهو السياحة الراقية والسياحة المتوسطة لأن قيمتها المضافة عالية. هذا توجه استراتيجي لدى المغرب، ويجب أن نسير فيه مع تطوير سياحة أربعة نجوم وأقل. نحن نركز كثيرا على القيمة المضافة في هذا الشأن. سأعطيك مثالا: في مصر يبقى السائح 10 أيام وينفق فقط 700 أورو، وفي جزر الكناري ينفق 1000 أورو ويبقى ما بين 10 و12 يوما، وفي تونس يبقى السائح 5 أيام ونصف وينفق 264 أورو، أما في المغرب فيبقى السائح يومان وينفق 565 أورو، إذن العائد المالي والقيمة المضافة موجودة قياسا بما تحققه مصر مثلا التي يبقى فيها السائح مدة 10 أيام وينفق 700 أورو، مما يعني أن السائح في مصر ينفق 70 أورو في اليوم بينما بالمغرب ينفق 280 أورو في اليوم، وفي تونس ينفق 50 أورو بينما ينفق بالمغرب 200 أورو.. هذه معطيات مهمة لمعرفة توجهنا الاستراتيجي.

أليس هذا مرتبط بصرف الدرهم فقط في سلة العملات؟

لا .. ليس مرتبطا بصرف الدرهم، هذا يعني أننا بالمغرب نجلب سياحة راقية، مثل سياحة الكولف وسياحة خمسة نجوم وسياحة الأعمال وهي مهمة جدا، فهذا كله توجه يسير عليه المغرب حاليا، ولا يمكن لنا تبخيس المنتوج السياحي المغربي كي نصل إلى معدل 20 مليون سائح وبنفس الثمن، إذن إذا أردنا أن نضيف، ينبغي أن نضيف قيمة مضافة، فالسياحة بالنسبة لنا متموقعة فيما هو متوسط وعال، وينبغي أن نحافظ ونسير في هذا التوجه لأنه بالإضافة إلى أنه يوفر لنا قيمة مضافة عالية جدا، فهو أيضا يساعدنا على التغلب على إكراهات كثرة السياح. إذن من المهم جدا أن نبقى في هذا الإطار والذي لا يعني أنه في بعض فترات الأزمات تعرف الأثمنة انخفاضا.. لهذا نعتمد في تقديم منتوجنا السياحي على عروض تختلف على ما هو موجود في مصر وتونس، وإلاّ لن نبقى منافسين. نحن نريد أن نعمل شيئا يكون فيه للمغرب تفوق ملحوظ.

لماذا لا نعتمد على السياحة الثقافية والسياحة الجبلية مع العلم أن المغرب يزخر بهذا تنوع طبيعي وثقافي وتاريخ عريق يمكن استغلاله لتنويع المنتوج السياحي المُقدم؟

هذا ليس صحيحا، لأن 80% من السياح يأتون للمغرب من أجل السياحة الثقافية، خصوصا بمراكش وفاس وطنجة والرباط وتطوان.. والكثير من السياح يأتون لمراكش، لما تزخر به هذه المدينة من مؤهلات سياحية وثقافية، وكي يشاهدوا المآثر التاريخية والقصبات وجامع الفنا والثرات الشفهي والمادي للمغرب، الذي يتوفر على ثمانية مواقع معدودة كونها مآثر للإنسانية من طرف اليونيسكو.

فنحن نحاول، ومن خلال استراتيجية 2020، أن ننوع منتوجنا كي لا تكون السياحة الثقافية هي الغالبة، بالعكس نريد تطوير المنتوج البحري. رؤية 2010 كان هدفها الأساسي هو تطوير العرض البحري ولكن واجهتنا بعض الصعوبات، ونحن اليوم نسعى لأن نتوفر على الأقل خمسة أو ستة محطات رئيسة: أغرود، تماونزا، تاغزوت، تونفيت الشاطئ الأبيض1، الشاطئ الأبيض2، وواد شبيكة في طانطان. فإذا أصبحت كل هذه المحطات تتوفر على طاقة إيوائية بين 60 ألف و90 ألف سرير فهذا مهم جدا. بالإضافة إلى ذلك لدينا عرض شاطئي يصبح مهم جدا في موكادور ومازاكان وليكسوس والسعيدية وتمودا باي. ولكن في نفس الوقت نريد أن يكون لنا عرض من الطبيعة يخص السياحة الايكولوجية وسياحة الجبال والوديان، لأن ذلك له تأثير على نوعية السياحة وكذلك على خلق مقاولات صغرى على مستوى الجبال لضمان التشغيل الذاتي وتوفير أنشطة مدرة للدخل للساكنة. كما نريد كذلك أن نطور السياحة الكولفية لأنها مهمة على مستوى القيمة المضافة، فسائح الكولف واحد فقط يجلب أكثر من 20 إلى 30 سائح على مستوى القيمة المضافة. لا ننسى سياحة الأعمال لأننا موجودين على بعد ساعتين أو ثلاثة من أوربا، ويمكن لمدن مثل الرباط ومراكش والدار البيضاء وطنجة أن تصير مراكز للأعمال والمؤتمرات والمحاضرات…

وماذا عن السائح المغربي؟

السائح المغربي مهم بالنسبة للاقتصاد الوطني، ويحتل المرتبة الثانية بعد الفرنسيين، فالفرنسيون يمثلون 36% والسائح المغربي يمثل 26%. فهذا مهم وأساسي جدا. السائح المغربي ينفق كذلك ويمثل قيمة مضافة للسياحة المغربية. ونعمل على أن تصل السياحة الداخلية إلى 40%. فالمغاربة لا يتأثرون بالأزمات العالمية والأحداث لأنهم مستقرون في بلدهم. ولكن ينبغي أن نفهم من هو السائح المغربي وما هي متطلباته؟ فهذا السائح يسافر مع عائلته أو زوجته، ويحب التنشيط والترفيه بالنسبة لأولاده وبثمن مناسب. في هذا الإطار نعمل على إنجاز ما نسميه محطات بلادي، وقد وضعنا محطات سياحية تتوفر على مواصفات ملائمة للسائح المغربي وبأثمنة مناسبة. هناك محطة إفران وهي تعمل بشكل منتظم وهناك محطة أخرى سيتم افتتاحها في 2013 في إيمي ودار شمال أكادير. وهناك محطة أخرى سنشرع في إنجازها خلال هذه الأيام في المهدية، ولنا، أيضا، مشروع لإنجاز محطة رأس الماء في الناظور وأخرى في سيدي العابد بالجديدة، رغم أن هناك مشاكل تواجهنا تتعلق بالعقار الخاص بمحطة سيدي العابد وهي الآن أمام المحاكم ونريد أن نعجل بهذا الملف كي يخرج المشروع إلى الوجود.

لدينا أيضا ما نسميه بنوادي بلادي، وهي عبارة عن أندية إيكولوجية بتكلفة أكثر شيئا ما، ولكنه يعطي الفرصة للطبقة الوسطى لكي تستفيد من خدماته. وسننجز في بني ملال وأزيلال وبعض المدن نوادي خاصة للسائح المغربي. هذا بالإضافة إلى ما نسميه بالمحطات الخضراء على مستوى البحيرات المكونة من السدود، إذن هذا على مستوى العرض الذي ننتجه للسائح المغربي، ولكن على مستوى ثان نعمل باتفاق مع بعض أصحاب الفنادق من أجل أن يكون هناك عرض خاص بالسائح المغربي خلال العطل والصيف ورمضان إلى غير ذلك.

كما نعمل أيضا في سبيل تطوير السياحة الداخلية على توفير بعض الشروط الضرورية باتفاق مع بعض الفنادق بأثمنة مناسبة (حوالي 300 درهم في الليلة) في بعض الفنادق مع استحضار تصنيفها كما نعمل على إيجاد عرض خاص بالسائح المغربي والذي يتناسب مع حاجياته وقدراته وظروفه، ونريد أن نعمم هذا على كثير من المدن المغربية المتوسطة وكذلك على مستوى الطرق السيارة.

طيب.. في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أوربا وانخفاض السياح الأجانب في اتجاه المغرب، نلاحظ انتعاشا بالنسبة للسياحة الخليجية بالمغرب، هل توجد عروض محددة تنكبون لتطوير السياحة الخليجية التي تعرف انتعاشا مع الطفرة البترولية الأخيرة؟

بالنسبة للسياحة الخليجية فهي مهمة، ومعلوم أن 4 مليون من السعوديين يسافرون كل سنة، ولا يصلنا منهم سوى 57 ألف فقط، إذن لا زال لنا مشوار طويل جدا في إطار السياحة الخليجية، والسائح الخليجي هو أيضا مهم لأنه يقضي فترة طويلة، ولذلك نريد أن نكتسح السوق الخليجية خصوصا السياحة العائلية والتي لابد من تشجيعها وتغيير الصورة النمطية الموجودة عند بعض العائلات فيما يخص المغرب، وهناك ظروف مواتية لتشجيع السياحة الخليجية لأن الطيران موجود، هناك خطوط مباشرة بين جدة والدار البيضاء، ما بين الدوحة والدار البيضاء، ما بين دبي والدار البيضاء، وهذا يساعدنا في تطوير أهدافنا ولكن يجب أن نعمل أكثر مع مروجي الرحلات الموجودين هناك، ويجب أن نعمل على مستوى التوعية والتحسيس على مستوى هذه البلدان..هذا مخطط عمل نسير فيه بشكل جيد.

بالنسبة للمحطات السياحية … قيل الكثير عن محطة واد شبيكة في طانطان، والتي كان من المفترض أن يُدشن أول فنادقها مع نهاية سنة 2012 ..ماذا وقع بالضبط؟

وقع تأخر بالنسبة لهذا المشروع المهم، كما وقع تأخر ، مع الأسف، في الكثير من المحطات الشاطئية، ولكن مع ذلك فمشروع “واد اشبيكة” يسير في الاتجاه الصحيح لاستكماله، لأن نتوفر على العقدة الإطار والتي تتضمن شركاء كـ”اوراسكوم” وصندوق الإيداع والتدبير مع وجود شريك ثالث، والعمل بدأ في إطار “لامارينا” ووصلنا إلى مستوى 70% من الأشغال التي تم إنجاز العقدة الخاصة بها ما بين الشركة المسيرة وما بين “كلوب ميد” التي ستنجز فندقا عبارة عن قرية سياحية، مع وجود طموح للبدء في العمل على الفنادق الأخرى، ونظن أنه في 2015 ستكون لدينا ثلاثة إلى أربعة فنادق موجودة في واد شبيكة.

منتجع “واد شبيكة” هو مشروع استراتيجي بالصحراء المغربية، لها العديد من الخصائص الإيكولوجية التي يتميز بها هذا المنتج المطل على البحر والموجود في قلب الصحراء القريبة من جزر الكناري الاسبانية، فهل موقعه الاستراتيجي هذا جاء لمنافسة الجزر الاسبانية وامتصاصا بعض من سياحها الذين يخلفون ملايين الأوروهات سنويا من العائدات؟

واد شبيكة له أفضلية كبرى بالمقارنة مع السياحة في جزر الكناري، لأنه يتوفر على عاملين مهمين: البحر والصحراء. واد شبيكة هو موقع تلتقي فيه الصحراء بالمحيط وهو ما يعطينا منظرا خلابا وموقعا خارقا، وغرضنا من هذا المشروع أن نقدم منتوجا وعرضا تكون فيه الشمس 12 شهرا في السنة بالنسبة للسائح الذي بحث عن هذا المناخ، لهذا فمنتج واد اشبيكة هو موقع تنافسي بالنسبة للكثير من الوجهات، أنا شخصيا أظن أنه لا يمكن أن تجد مثيلا لواد شبكية لا في جزر الكناري ولا في غيره..

نعود مع لحسن حداد من مجال السياحة إلى فضاء الثقافة والإعلام وأشياء أخرى .. لحسن حداد كان مساهما في جريدة “أخبار اليوم” وانسحب منها، ما هي تفاصيل هذا الانسحاب؟

مقاطعا… أنا كنت من المؤسسين لجريدة “أخبار اليوم”، وكذلك من المساهمين، وساهمت بـ20% من رأسمالها، ولكن لم تكن لي في “أخبار اليوم” لا سلطة إدارية ولا سلطة تحريرية، ولا أية سلطة أيا كان نوعها وشكلها، كنت شريكا كأي مساهم في أية شركة، ولكن كنت كذلك أنشر في “أخبار اليوم” كما كنت أنشر في جريدة “المساء” و”هسبريس” ومنابر إعلامية أخرى داخل المغرب وخارجه..
فحين كنت مشاركا في “أخبار اليوم” لم تكن لدي مسؤولية حكومية، وبالنسبة لي أومن بشيء من الشفافية والحكامة، إذ أنه لا يمكن لي أن أكون مسؤولا حكوميا وفي نفس الآن مشاركا في جريدة والتي يمكن أن يقال لي أنه لدي علاقات معينة معها إلى غير ذلك من القيل والقال، وكما تعلمون فإن جريدة “أخبار اليوم” في خط تصاعدي وهي يوما عن يوم تكتسب قراء جددا، وهي شركة مربحة في هذا الإطار، ومع ذلك فأنا قررت أن أقطع علاقتي بالجريدة بعد دخولي للحكومة بالرغم من أني لم أتدخل في هذا، ولكن قطعت علاقتي بالجريدة من باب رفع الشبهات، ثم أنه لو كنا ننادي برفع شعار الحكامة، فأعتقد أن هذه هي الحكامة ألا تكون لي أية علاقة مع أية شركة تصدر الآراء ولها رأي في أمور سياسية وباع كبير في الحراك السياسي…

كان هذا الانسحاب مباشرة بعد أن وُجّهت لك الأصابع كونك أنت من سرب تشكيلة الحكومة والتصريح الحكومي لـ”أخبار اليوم”؟

نعم.. كان بعد ذلك، ولكن الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون أنه قد كانت لي نية بالانسحاب من الجريدة قبل ذلك، أي قبل سنتين حيث حاولت بيع أسهمي في جريدة “أخبار اليوم”..

يعني قبل التجربة الحكومية..!

نعم قبل التجربة الحكومية..

إذن الأمر لا يتعلق بمفهوم الحكامة تحديدا كما قلت..

أنا كنت أريد أن أبيع أسهمي بالجريدة لظروف تخصني أنا شخصيا، وهناك قرارات اتخذت في جريدة “أخبار اليوم” ولم تعجبني، ولكن الآن اتخذت هذا القرار في إطار الحكامة، سواء كان هذا الاتهام أم لم يكن كنت سأخرج من جريدة أخبار اليوم حين تقلدت منصبا حكوميا، وبالنسبة لي هذا يضع حدا لأية علاقة بيني وبين “أخبار اليوم” وكذلك أنه بالنسبة لي يمكن أن تكون لي علاقة مع جميع الصحفيين، وهي علاقة عادية..

من المعلوم أن للأستاذ لحسن حداد رأيا خاصا ورؤيته للأشياء كما له هواه الإيديولوجي يختلف مع حزب العدالة والتنمية، ولا زلنا نتذكر أنه كان لك نقاش عبارة عن ردود بينك وعبد العالي حامي الدين، عضو المجلس الوطني لنفس الحزب على صفحات “أخبار اليوم” . الآن أنتم ضمن ائتلاف حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، سؤالي: كيف تدبرون الاختلاف الإيديولوجي ضمن هذا الائتلاف الحكومي؟

أولا، هذه حكومة ليست إيديولوجية، هذه حكومة لها برنامج مشترك ولها أجندة مشتركة ويجمعها ميثاق حكومي توافقت عليه، وهذه هي المسألة الأولى، ولكن المسألة الثانية، أن النقاش الذي كان لي مع بعض الإخوان في العدالة والتنمية، وبالمناسبة منهم من هو صديقي مثل حامي الدين، وهي صداقة لا تفسد للاختلاف قضية، وكانت هذه النقاشات أو الاختلافات متعلقة بما هو إيديولوجي، ولكن المسائل المتعلقة بما هو سياسي فيما يخص الحكامة والحس الوطني، فلدي تقدير كبير للعدالة والتنمية، ونسّقت معهم في انتخابات 2007، وفي 2011 نسقت أكثر مع العدالة والتنمية، ولم أنسّق مع أحزاب أخرى.

إذن على المستوى السياسي فيما يخص محاربة الفساد والحكامة وكذلك بناء الدولة الديمقراطية، والحفاظ على الهوية المغربية الأساسية فهذه أمور لا نختلف فيها.. ولكن نختلف في تحديد العلاقة التي ينبغي أن تكون بين الدين والسياسة، نختلف في كيفية استعمال الدين في مسائل سياسية، ولا نختلف كون الدين يمنحك قيما أساسية مهمة جدا يمكن أن توظفها في بناء المجتمع كقيم الأمانة والتكافل والتضامن وقيمة العمل كأساس وأخلاقيات العمل، فهذه قيم أتفق فيها والإخوان في العدالة والتنمية…

ولكن الاختلافات يمكن أن تظهر بين الفينة والأخرى بين مكونات الائتلاف الحكومي، وردك على تصريح وزير العدل والحريات حين تم استقباله من قبل المغراوي بدار القرآن في مراكش أثار حفيظة لحسن حداد..

وهذا لم يكن اختلافا إيديولوجيا، هو ربما قال كلاما أخذ في غير سياقه، وتمت تداوله على المستوى الوطني والدولي، وكان لا بد أن نضع حدا للتأويلات والتفسيرات، لذلك قلت ما قلت، ولكن يجب كذلك الاعتراف للأستاذ الرميد بشجاعته حينما قال أن لحسن حداد هو المسؤول عن القطاع السياحي، وما قاله صحيح وانتهى الأمر، يعني لم يكن فيه لا صراع ولا جدال، لأن كلامه ربما أُخذ في غير نسقه، وأنا كذلك كان من واجبي أن أرد، وحين وضحت ما قصدت قبل الرميد بكلامي ووصلنا إلى “اتفاق الشجعان”، كنت أنا شجاعا في الرد على ما قال، وكان هو أيضا شجاعا فاتفق على ما قلته على الرغم من أني انتقدت كلامه فقمنا بـ”سلام الشجعان”..(يضحك)..

ونحن نهيئ لهذه الندوة الحوارية، قيل لنا بأن لحسن حداد مشغول هذه الأيام مع ابنه الذي سيجتاز الباكالوريا لهذا العام فهو في حاجة إلى دعمه ومساندته.. هل هذا صحيح؟

هذا صحيح، لي بنت وولد، وكنت دائما أهتم بدروسهم وماذا يدرسون، وأحاول أن أدرس معهم، فابني الآن أدرس معه الاقتصاد كل مساء، واستيقظ معه صباحا كي أدرس معه التاريخ والجغرافيا والفلسفة، وإذا اجتاز فترة الامتحان الكتابي سأدرس معه مواد الامتحان الشفوي خاصة اللغة العربية والانجليزية، فأنا أقوم بتدريس ابني بنفسي وهذا أمر مهم بالنسبة لي، إذ أنه لا يمكن أن يكون ابني يدرس الباكالوريا ولا أكون بجانبه، كما أن لي علاقة جيدة مع ابني..

هل تستطيع أن توفق بين عملك في الوزارة وبين المسؤوليات العائلية، زد على ذلك همّ المثقف الذي هو في حاجة دائمة إلى القراءة اليومية ناهيك عن المسؤولية السياسية، بصراحة هل تستطيع أن توفق بين هذه الأمور؟

أنا أصل إلى مكتبي بمقر وزارة السياحة في حدود الثامنة صباحا، لأنني أستيقظ عادة على الساعة الخامسة صباحا حيث أمارس رياضتي، وأوقظ ابني من النوم ولو أن عمره الآن 17 سنة، وآتي للعمل وأشتغل إلى حدود الساعة السابعة مساء، بما يعني أني أشتغل 11 ساعة، حتى غذائي أتناوله بالمكتب في غلاف زمني لا يتعدى 10 دقائق. وبعد انتهاء الـ11 ساعة التي أعطيها لمسؤولياتي الوزارية اذهب للبيت لأشتغل مع ابني ساعتين أو أكثر..هذا كل شيء.

هناك من يقول بأننا كسبنا لحسن حداد الوزير وخسرنا لحسن حداد المثقف الذي كان يتحف القراء بمقالات تستفز العقل وتدعو لمراجعة بعض البديهيات.. لماذا أنت وزملاء لك من الوزراء سواء الحاليين أو السابقين إذ سرعان ما يلجون الوزارة يصومون عن الكتابة عكس الوزراء في فرنسا أو لبنان … اللهم إذا استثنينا العربي المساري وقبله عبد الهادي بوطالب في التجربة المغربية، فجل الوزراء لا يكتبون كما كان عليه العهد قبل تقليد المنصب الوزاري؟

مسألة الكتابة تنقصني بشكل كبير جدا، وإذا سألتني عن أهم مصادر سعادتي؟ أقول لك هي خدمة وطني، أما عن مصادر التعاسة، فهي أنني لا أكتب، أنا تعيس لأنني لا أكتب، ربما هذا كوجيطو ديكارتي من نوع جديد، كنت أكتب كل يوم مقالات بالعربية على المستوى الوطني ومقالات بالفرنسية ومقالات بالانجليزية على المستوى الدولي، كنت أكتب في نيويورك تايمز وفي مجلات وجرائد أخرى.. فالكتابة بالنسبة لي شيء من الحياة، فالهوس بالكتابة هو مصدر للقلق بالنسبة لي الآن… وهذا لا يعني أنني لا أريد أن أكتب، بل هناك واجب التحفظ، وهذا أساسي جدا، يجب أن أكتب في مواضيع تدخل في إطار اهتمامي الشخصي أو اهتمام القطاع الذي أنتسب إليه بشكل أو بآخر، ولكن في نفس الآن لم أجد ما هو الخيط الرابط والتحريري الذي أنطلق منه، فحين لم أكن في الحكومة كانت لي حرية كبيرة جدا، فكنت أنتقد وأطارح وكنت أهاجم وأكر وأفر مثل فرس امرؤ القيس…(يضحك).. ولكن الآن لم أجد الخيط الرابط الآن صراحة، ولكن ما أود أن أصل إليه هو أني لا أريد أن أكتب كتابة فجة أو لغة خشب، فأنا الآن في مرحلة تأمل حتى أجد خيطا رابطا يمكن أن أكتب من داخله دون أن أسقط في “كولو العام زين” أو أسقط في لغة الخشب…لأنني كنت دائما ناقدا، أنتقد وأطارح..

وهذه هي طبيعة المثقف..

نعم هي طبيعة المثقف.. إذن هناك سؤال ينبغي طرحه برأيي حول علاقة السلطة مع الثقافة الناقدة، وكيف تمارس الثقافة الناقدة من وجهة نظر السلطة، كيف تمارس الثقافة الناقدة وأنت موجود في إطار السلطة، هذا سؤال حقيقة لا زلت أبحث له عن إجابة… يوم أجيب عنه سأشرع في الكتابة إن شاء الله..

أنت صائم الآن عن الكتابة، أو بالأحرى عن نشر ما تكتبه، فهل أنت صائم أيضا عن القراءة لا سيما مع قضاء 11 ساعة بالعمل والاشتغال مع الابن ومشاغل أخرى مرتبطة بالمنصب الوزاري تحديدا؟

أبدأ يومي بقراءة الصحف العالمية، إذ أقرأ يوميا نيويورك تايمز و”لوموند” و”إلباييس” واقرأ جميع الصحف المغربية الالكترونية وغير الالكترونية، كما أقرأ في نهاية الأسبوع مقالات أكاديمية وعلمية في تخصصاتي وأقرأ مقالات في “لوموند ديبلوماتيك” ولا بد أن أقرا كتابا واحدا خلال الشهر…

عنوان الكتاب المبرمج خلال هذا الشهر؟

كتاب عنوانه 1493، وهو كتاب باللغة الانجليزية، هذا كتاب يصف العالم الجديد سنة بعد رحلة كولمبوس إلى أمريكا، ويصف ماهية العالم الجديد بعد سنة واحدة الذي وصل إليه كولمبوس إلى جزيرة اسبانيولا في وسط أمريكا.. هذه الأمور تهمني كثيرا، فأنا شغوف بكتب التاريخ وكتب الجغرافيا …

هل تقرأ ما ينشر في عالم السرديات، أقصد الرواية تحديدا؟

أقرأ الكثير من الروايات، وبالمناسبة فأنا كتبت رواية، إذ أنني لم أجد ضالتي في الكثير من الروايات التي قرأتها فكتبت رواية حول الرواية عام 2004، سميتها عرس الديدان باللغة العربية، أنا شغوف جدا بقراءة الروايات …

آخر رواية قرأتها؟

آخر رواية هي للروائي البرازيلي كويلو ” الكيميائي” لأن ابني هو أيضا شغوف بالروائي بول كويلو، وقرأ جميع رواياته، فأنا قرأتها حتى يكون لنا نقاش في الطاولة مع ابني حول بعض القضايا الأدبية..

Comments are closed.